Page 90 - alamn
P. 90

‫دراسات أمنية‬

‫كورونا والجماعات الإرهابية والمتطرفة والإجرامية‬
  ‫التعاون الدولي ضرورة لتجاوز آثار هذه الجائحة‬

                                                                                                          ‫د‪ .‬عبد الله بن خالد بن سعود الكبير‪ ‬‬
                                                                                                                ‫جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية‬
                                                                                                                               ‫ملخص الورقة‪:‬‬

‫هـذه المقالـة ملخـص لورقـة علميـة نشـرت فـي العـدد الخـاص بفيـروس كورونـا فـي المجلـة العربيـة للدراسـات‬
                          ‫الأمنيـة‪ ،‬وهـي مجلـة علميـة محكمـة تصـدر عـن جامعـة نايـف العربيـة للعلـوم الأمنيـة‪.‬‬

‫و»الأمـــم الصليبية على وجـــه الخصوص»‪،‬‬               ‫وجـــدت فـــي بيئـــة الأزمـــة التي تســـبب بها‬    ‫تســـ ّبب فيـــروس كورونـــا المســـتجد‪ ،‬الذي‬
‫وذكـــر أن هـــذه «الأوقـــات الحرجـــة»‬              ‫فيـــروس كورونـــا المســـتجد فر ًصا ســـانحة‬       ‫بـــدأ كأزمـــة صح ّية فـــي المقـــام الأول‪ ،‬في‬
‫ســـتجعلهم‪ ،‬رغ ًما عنهم‪ ،‬يخففون الضغوط‬                ‫للاســـتغلال ومحاولة توســـيع النفوذ‪ ،‬سواء‬          ‫هـــ ّزات عنيفـــة م ّســـت جميع نواحـــي الحياة‬
‫ويم ّنـــون أنفســـهم بفتـــرة تهدئـــة مـــع من‬      ‫أكان ذلـــك علـــى أرض الواقـــع أم فـــي عالم‬      ‫الاجتماعيـــة والاقتصاديـــة والسياســـية‪.‬‬
‫أســـماهم بـ»المجاهديـــن»‪ .‬كما كـــ ّرر التأكيد‬      ‫الأفـــكار والتنظيـــر‪ .‬إلا أن الســـؤال المهـــم‬   ‫وبعي ًدا عـــن آثار هذه الأزمـــة المحتملة على‬
‫لأتباعه بأن «الأزمـــة الاقتصادية التي بدأت‬           ‫يتعلـــق بالكيفيـــة والطريقـــة‪ .‬ففهـــم ذلـــك‬    ‫تحولات النظام العالمـــي‪ ،‬وطبيعة التعاون‬
‫معالمهـــا بالظهور هي فـــي صالح التنظيم؛‬             ‫بشـــكل دقيـــق يعطينـــا مدخـــ ًا مه ًّما ليس‬     ‫الدولـــي‪ ،‬وتأجيجهـــا للتنافـــس الاقتصـــادي‬
‫حيـــث ســـتؤدي غال ًبـــا إلـــى تراجع فـــي حدة‬     ‫لفهـــم أعمـــق لطبيعـــة هـــذه الجماعـــات‬        ‫والجيوسياســـي الأميركـــي ‪ -‬الصيني‪ ،‬فقد‬
‫الحملات العســـكرية [ضده] وســـعي جيوش‬                ‫فحســـب‪ ،‬بل للطريقـــة الأمثـــل لمواجهتها‬          ‫ألقـــت هـــذه الأزمـــة بظلالهـــا علـــى البيئـــة‬
‫الطواغيـــت إلـــى تبريـــد الجبهـــات لفترة من‬                                                           ‫الأمنيـــة فـــي العديد من الدول بشـــكل ينذر‬
‫الزمـــن‪ ...‬ولـــن تتأخـــر آثار كل ذلـــك بالظهور‬                                ‫وتحييـــد خطرها‪.‬‬        ‫بتحديـــات مرتقبـــة للأمن والســـلم المحلي‬
‫للعيـــان خـــال الشـــهور المقبلـــة»‪ .‬كمـــا‬        ‫لنبـــدأ بتنظيـــم داعـــش الإرهابـــي وكيفيـــة‬    ‫والإقليمـــي والدولـــي‪ .‬ومـــن الصعـــب في‬
‫ت ّتضـــح رؤيـــة التنظيـــم من حيـــث النظر إلى‬      ‫قراءتـــه للأزمـــة‪ .‬أو ًل‪ :‬اعتبـــر التنظيـــم‬     ‫هـــذه العجالة حصـــر جميع الأخطـــار الأمنية‬
‫هـــذه الأزمـــة علـــى أنهـــا خلقـــت فرصة من‬       ‫فيـــروس كورونـــا «عذا ًبا مـــن الله» ســـ ّلطه‬   ‫التـــي تســـببت بهـــا أزمـــة فيـــروس كورونـــا‬
‫الممكـــن‪ ،‬بـــل المفتـــرض‪ ،‬اســـتغلال أجواء‬         ‫علـــى «أمـــم مـــن خلقـــه‪ ،‬أكثرهـــم – وللـــه‬   ‫علـــى كافة المســـتويات‪ ،‬ولكن من الممكن‬
‫الخـــوف والانشـــغال التـــي و ّلدتهـــا لشـــن‬      ‫الحمـــد – من المشـــركين»‪ ،‬وهذا التفســـير‬         ‫محاولـــة فهـــم الأســـلوب والطريقـــة التـــي‬
‫الهجمـــات وتحقيـــق المكاســـب؛ حيـــث إن‬            ‫ليـــس بمســـتغرب علـــى تنظيم يـــرى جميع‬          ‫تعاملـــت بهـــا بعـــض الجماعـــات المختلفة‬
‫«آخر مـــا يتمنونه [الأعداء] اليـــوم أن يتزامن‬       ‫الخلـــق والأمـــم خـــارج دائرة أتباعـــه الضيقة‬   ‫المهددة للأمن والســـلم مع هـــذه الجائحة‪،‬‬
‫وقتهـــم العصيـــب هـــذا مع تحضيـــرات من‬            ‫مـــن الكفـــار والمشـــركين‪ .‬كمـــا أشـــار فـــي‬  ‫وبالأخـــص تلـــك القابعـــة علـــى الأطـــراف‬
                                                      ‫أكثـــر مـــن موضع إلـــى أنه لا يجـــب الخوف‬       ‫الراديكاليـــة للأطيـــاف الفكريـــة والوجـــود‬
   ‫جنـــود الخلافـــة لضربـــات جديـــدة لهم»‪.‬‬        ‫مـــن الفيـــروس فهو «جنـــد من جنـــود الله»‬
‫أخيـــ ًرا‪ ،‬انتقـــد التنظيـــم الإرهابـــي الـــدول‬  ‫مو ّجه ضـــد أعدائنا‪ .‬ثان ًيا‪ :‬لـــم يخ ِف التنظيم‬      ‫القانونـــي فـــي المجتمعـــات المختلفة‪.‬‬
‫الإســـامية وعلماءها الذين أفتـــوا «بإغلاق‬           ‫تشـــ ّفيه وفرحـــه بالضغوطـــات والتحديـــات‬       ‫وعلـــى اختـــاف طبيعـــة وأهـــداف جماعات‬
‫المســـاجد بح ّجـــة العـــدوى وكأنهـــا لا تنتقل‬     ‫الاقتصاديـــة والاجتماعية والسياســـية التي‬         ‫التطـــ ّرف والإرهـــاب والجريمـــة المختلفـــة‪،‬‬
‫إلا فـــي مســـاجد المســـلمين»‪ .‬وعلى الرغم‬           ‫تســـببت بهـــا الجائحـــة علـــى الـــدول عامـــة‬  ‫إلا أن القاســـم المشـــترك بينها جمي ًعا أنها‬

                                                                                                          ‫‪90‬‬
   85   86   87   88   89   90   91   92   93   94   95